طفل بلا يدان ولا قدمان
يفقد البعض أحيانا بعض أجزاء جسمه ، كعين أو يد أو قدم أو سمع ، وهذه إعاقة جسدية بالمعنى العام ، ولكن من ولد كفيف البصر وهو لم يعرف أبدا في حياته معنى كلمة شمس وما هي ، أو لون أزرق ، هذا صعب ، ولكن الأصعب أن يولد طفل لعائلة ليس له يدان وقدمان !! فقط جسد ورأس لا غير .

كيف سيكون الموقف ؟ وما هو حال هذا الطفل خلال حياته التي سيعيشها ؟ هل سيعيش على هامش المجتمع يستدر عطفهم وحنانهم ، ويأخذ معونة من الدولة ؟ أم يجلس على قارعة الطرق يستجدي الناس عطفهم وإنسانيتهم ليجودوا عليه بحفنة من المال ؟

القصة التي سوف تقرأونها وتشاهدونها حقيقية ، يعرفها البعض بشكل أو بآخر ، ولكن الكثير منا لا يعرف قصة شاب يعيش بسعادة وتفاؤل ونجاح صنعه هو بنفسه دون أن يساعده أحد أو يحنو عليه المجتمع .

لنقرأ سوية قصة إعاقة سبب نجاح وسعادة .

نيكولاس جيمس فوجي  Nicholas James Vujicic هو الابن الأكبر لعائلة صربية الأصل، ولد في 4 ديسمبر 1982 في بريسبان  أستراليا، ولد وهو مُشوّه خَلقياً وفاقداً كلا الذراعين والرجلين بشكل كامل، باستثناء قدم صغيرة ظاهره في اسفل جذعه . ولد نك وهو يعاني من متلازمة نقص الأطراف الأربعة، وهي متلازمة نادرة الوجود يعاني المصاب فيها من فقدان الأذرع والأرجل كافّة، عاش حياته كطفل عُرضة للسخرية لمن حوله، مما أدى إلى اصابته بالاحباط وتعرضه لحاله نفسية سيئة في بداية مراحل حياته وتفكيره بالانتحار، لكنّه في نهاية المطاف آمن بحتميّة تعايشه مع اعاقته. وفي سن 17 عام أسسّ منظمته غير الربحية ” الحياة بدون أطراف ” وقدم من خلالها الخطابات في أماكن مختلفة من العالم دعا فيها إلى التعايش مع الاعاقة وبث الأمل في النفس والعيش بإيجابية بعيداً عن الاحباط واليأس، وكان يضرب نفسه كمثال أثناء خطاباته ليثبت للناس قدرتهم على فعل المستحيل .

مُنع نك من الذهاب إلى المدرسة وذلك بسبب القانون الذي يمنع اصحاب الإعاقات من الالتحاق بالمدارس العامّة على الرغم من كونه سليم عقليّاً وليس مُصاباً بأي عيب عقلي، لاحقا، تمكن نك من الالتحاق بالمدرسة وأصبح من أوائل الاشخاص الذي طُبّق عليهم القانون الجديد بالسماح للمصابين بتشوهات خلقية بالالتحاق بالمدرسة وذلك حسب قانون ولاية كاليفورنيا.

وقد تعرض إلى حالات من الاحباط والاكتئاب والوحدة والخوف خلال فترة صغره حيث كان يطرح على نفسه الاسئلة التالية : لماذا هو مختلف عن بقية الأطفال ؟ ولماذا خُلق دون أرجل وبلا أيدي ؟ مما أدى به إلى التفكير بالانتحار وهو في سن الثامنة، وفي سن عشر سنوات حاول أن يغرق نفسه لكنه تراجع عن قراره.
 لكن نقطة تحول جرت في حياته ليتحول من مجرد إنسان مُعرض إلى اعاقة من الدرجة الأولى إلى إنسان مُفعم بالنشاط والإيمان بالقدرة البشرية مهما كانت الصعاب، وكان سبب ذلك الصبر والقوة هو ايمانه بالخالق ومساعدة عائلته واصدقائه وكل من حوله.

تحوّل مجرى حياة نك من مجرد إنسان مُصاب بالاعاقة إلى إنسان قادر على التأثير بمن حوله، وكان مفتاح التحول حينها هو أن والدته عرضت عليه صورة لرجُل مصاب بعجز حاد وهو يتعامل مع اعاقته بسلاسة وصبر وتحمّل، مما أثار الدهشة في نفسه وبأنه ليس نادر الوجود وليس الإنسان الوحيد المُعرض لهذه الاعاقة محدودية الحركة.
 بدأ نك بتحدي اعاقته حيث تعلم الكتابة باستخدام اصابع قدمه الصغيرة الظاهرة في اسفل جذعه من الجهة اليسرى وتعلم استخدام الحاسوب والطباعة عليه وتعلم أيضاً رمي كرات التنس والعزف على الطبل ” طبل الدوّاسات ” ، كما بدأ بالعناية بمظهره وكيفية الحلاقة وتصفيف الشعر والردّ على الهاتف وتنظيف الاسنان باستخدام الفرشاة كما تعلّم السباحة أيضاً.  وفي الصف السابع بدأ نك بالتعاون مع زملاءه في المدرسة لتنظيم مخيمات بالتعاون مع الجمعيات الخيرية وحملات العجز والاعاقة، وفي سن السابعة عشرة تمكن من تأسيس منظمته الغير ربحية التي أطلق عليها اسم ” الحياة بدون أطراف “.
 انتقل نك إلى مرحلة الدراسة الجامعية ليدرس المحاسبة والتخطيط المالي جامعة جريفيث في لوجان – أستراليا، وفي عامه التاسع عشر بدأ نك بتحقيق احلامه حيث بدأ بتشجيع والتأثير بمن حوله من خلال خطاباته المؤثرة وقناعته بأن الله اعطاه الأمل والحياة من جديد ويقول ” لقد عرفت الغرض من وجودي في هذه الحياة، كما عرفت سبب الحالة التي أنا عليها الآن من اعاقة، وهنالك دائما سبب لما أنت عليه الآن من سوء ” يعني نك بكلامه أنه هنالك دائماً تفسير لأي وضع نتعرض له في حياتنا وبأننا بإيماننا بالله وثقتنا بأنفسنا سينقذنا الله مما نحن عليه من سوء وسيعطينا مفاتيح النجاح في التحديات التي نواجهها.  في عام 2005 رُشحّ نك لجائزة ” الشاب الأسترالي للعام ” التي تحظى بشعبية واسعة في أستراليا، وترعى هذه الجائزة الشباب وتنقل نجاحاتهم إلى المجتمع المحلّي وتخضع هذه الجائزة إلى قوانين صارمة ليتم توجيها إلى أًناس مُلهمين حقّاً، وقد حظي نك بدعم خاص من شركات ساعدته في تحقيق احلامه ودعمه على الصعيد الشخصي.

تخرج نك من جامعة جريفيث وهو في عمر 21 عام، وبعد ذلك أصبح متكلما ليؤثر ويحفز الناس، كما أصبح يتنقل في دول العالم ليتبنى قضايا المُراهقين ويتحدث عنها، وقد حظي باهتمام ومتابعة 3 ملايين شخص في 24 دولة في 5 قارات حول العالم.

بدأ نك بنشر اعماله ومشاريعه بمساعدة الغير من خلال برامج التلفاز ومن خلال الكتابة، كما نشر كتابه الأوّل ” Life Without Limits ” في عام 2010، كما سوّق لأفلام وثائقية عن حياته الشخصية في المنزل في عام 2005، ومن ثم نشر الجزء الثاني للفيلم عن واحد من خطاباته المؤثرة في واحدة من الكنائس ومن ثم سوق لفيلم موجّه للشباب باسم ” بدون أرجل، بدون يدين، بدون قلق “. بدأ العمل في مجال الأفلام القصيرة بفيلم The Butterfly Circus ، الحاجز على جائزة Doorpost Film Project’s عام 2009، وحصل الفلم على جوائز أخرى كما حصل نك على جائزة أفضل ممثل أفلام قصيرة في ذلك العام. كما أصدر اغنية جديدة بصوته تسمّى Something More
تزوّج نك في 12 شباط عام 2012 واسم زوجته Kanae Miyahara، كما يسكن حاليّاً في ولاية كاليفورنيا الأمريكية. 
وله كتاب من تأليفه اسمه : الحياة من غير حدود life without limit ومتوفر لدى أمازون ، مع أمنيتنا أن تترجمه أحد دور النشر لأهميته