الأسد الذى أكل نفسه  من الندم!!!!!!
الكثير منا يذكر قصة الأسد الذي اغتال مدربه ( محمد الحلو ) و قتله غدراً في أحد عروض .. السيرك بالقاهرة و ما نشرته الجرائد بعد ذلك من انتحار الأسد في قفصه بحديقة الحيوان واضِعاً نهاية عجيبة لفاجعة مثيرة من فواجع هذا الزمن ..

و القصة بدأت أمام جمهور غفير من المشاهدين في السيرك حينما استدار محمد الحلو ليتلقى تصفيق النظارة بعد نمرة ناجحة مع الأسد " سلطان " ..
و في لحظة خاطفة قفز الأسد على كتفه من الخلف و أنشب مخالبه و أسنانه في ظهره !! ..

و سقط المدرّب على الأرض ينزف دماً و من فوقه الأسد الهائج ..
و اندفع الجمهور و الحُرّاس يحملون الكراسي و هجم ابن الحلو على الأسد بقضيب من حديد و تمكن أن يخلص أباه بعد فوات الأوان ..و مات الأب في المستشفى بعد ذلك بأيام .
أما الأسد سلطان فقد انطوى على نفسه في حالة اكتئاب و رفض الطعام
و قرر مدير السيرك نقله إلى حديقة الحيوان باعتباره أسداً شرساً لا يصلح للتدريب  و في حديقة الحيوان استمر سلطان على إضرابه عن الطعام فقدموا له أنثى لتسري عنه فضربها في قسوة !! و طردها و عاود انطواءه و عزلته و اكتئابه ..

و أخيراً انتابته حالة جنون ، فراح يعضّ جسده و هَوَى على ذيله بأسنانه فقصمه نصفين !!! ..ثم راح يعضّ ذراعه ، الذراع نفسها التي اغتال بها مدرّبه ..
و راح يأكل منها في وحشيّة ، و ظل يأكل من لحمها حتى نزف و مات واضعاً بذلك خاتمة لقصة ندم من نوع فريد ..ندَم حيوان أعجم و مَلِك نبيل من ملوك الغاب ..
عرف معنى* الـوفـــاء * و أصاب منه حظاً لا يصيبه الآدميون !!

أسدٌ قاتل أكل يديه الآثمتين ..
درسٌ بليغ يعطيه حيوان للمسوخ البشرية التي تأكل شعوباً ..
و تقتل ملايين في برود على الموائد الدبلوماسية و هي تقرع الكؤوس و تتبادل الأنخاب .ثم تتخاصر في ضوء الأباجورات الحالمة و ترقص على همس الموسيقى و ترشف القبلات في سعادة و كأنه لا شيء حدث !!
إنّي أنحني احتراماً لهذا الأسد الإنسان ..بل إني لأظلمه و أسبّه حين أصفه بالإنسانية .. !!
كانت آخر كلمة قالها ( الحلو ) و هو يموت ..أوصيكو ما حدش يقتل سلطان ..
و صية أمانة ما حدش يقتله .هل سمع الأسد كلمة مدربه ؟ ..
و هل فهمها ؟ يبدو أننا لا نفهم الحيوان و لا نعلم عنه شيئاً .
إنّ القطة العجماء تتبرز ثم لا تنصرف حتى تغطي برازها بالتراب هل تعرف تلك القطة معنى القبح والجمال..؟
وهي تسرق قطعة السمك من مائدة سيدهاوعينها تبرق بإحساس الخطيئة فإذا لمحها تراجعت ..فإذا ضربها طأطأت رأسها في خجل واعتراف بالذنب
هل تفهم القانون؟؟؟هل علمها أحد الوصايا العشر؟؟

والجمل الذي لا يضاجع أنثاه إلا في خفاء وستر .. بعيداً عن العيون،
فإذا أطلّت عين لترى ما يفعله امتنع وتوقف !ونكّس رأسه إلى الأرض!!
هل يعرف الحياء..؟

وخلية النحل التي تحارب لآخر نحلة وتموت لآخر فرد في حربها مع الزنابير..من
علّمها الشجاعة والفداء..؟

ومن علّم تلك الحشرات الحكمة والعلم والطب والأخلاق والسياسة؟؟؟؟؟
لماذا لا نصدق حينما نقرأ في القرآن أنّ الله هو المعلم؟؟
ومن أين جاءت تلك المخلوقات العجماء بعلمها ودستورها إن لم يكن من خالقها؟؟؟؟

!!وما هي الغريزة..؟!!أليست هي كلمة أخرى للعلم المغروس منذ الميلاد؟؟
!!!..العلم الذي غرسه الغارس الخالق وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ”ومن الشجر ومما يعرشون

ولماذا ندهش حينما نقرأ أن الحيوانات أمم أمثالنا ستحشر يوم القيامة؟؟
(“” وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم
ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون”")

(“” واذا الوحوش حشرت “”)
ألا يدلّ سلوك ذلك الأسد الذي انتحر على أننا أمام نفس راقية تفهم و تشعر و تحس .. ؟! و تؤمن بالجزاء و العقاب و المسؤولية ؟؟ !! ..نفس لها ضمير يتألّم للظلم و الجور و العدوان ؟؟!!

د. مصطفى محمود . .
من كتاب / رأيـــت اللــــــــه