الفريق سعد الدين الشاذلى.. العقل المدبر لحرب أكتوبر الذى اتهم بالخيانة

 

الغيرة على الوطن .. ستظل رمزا للشعب المصرى الأصيل، فهم خير أجناد الارض، قوة وحبا للوطن، سالت دماء الكثيرين منهم على أرض وطنهم مصر، وما زالوا يبذلون الدماء للحفاظ عليها دون ملل أو خوف من المصير المحتوم..
 كان لا بد أن نستعرض ما قام به من أجل مصر، في ملحمة وطنية وصفها الخبراء بأنها "الأعظم" ..
فسعد الشاذلى هو "العقل المدبر" لحرب أكتوبر، وهو صاحب خطة "المآذن العالية" التى أتاحت للجيش المصرى العبور وتحقيق النصر، ورغم أنه العقل المدبر لانتصارنا فى حرب اكتوبر، فإنه الجندى الوحيد الذى لم تكرمه الدولة فى حياته، وإنما سجنوه وشوهوا صورته واتهموه "بالخيانة" .
ولد ''سعد الدين محمد الحسيني الشاذلي'' في الأول من أبريل عام 1922 بمحافظة الغربية، التحق بالكلية الحربية وعمره 17 عاما فقط، تخرج فيها عام 1940 برتبة ملازم، وشارك في ''الحرب العالمية الثانية''، ورفض الانسحاب بقواته أمام القوات الألمانية، وبقى بالجبهة وحيدا ومن معه من جنود يدمرون معدات 'جيش "هتلر''.
وعندما كانت الحرب تضع أوزارها، عاد ''الشاذلي'' ليلتحق بصفوف الجيش المصري بسلاح ''الحرس الملكي''، ويشارك ضمن سرية السلاح في ''حرب فلسطين 48''، ويعود بعد أن تذوقت الجيوش العربية مرارة الهزيمة، لينضم إلى ''الضباط الأحرار'' في 1951.
للفريق ''الشاذلي'' أياد بيضاء على الجيش المصري؛ فهو مؤسس أول فرقة مظلات بالجيش عام 1954، انضم لقوات الجيش أثناء ''العدوان الثلاثي" عام 1956، وكان ضمن القوات المصرية بحروب اليمن 1965، وبعد ''نكسة 1967'' أسس مجموعة قوات خاصة عرفت باسم ''مجموعة الشاذلي'' وكان وقتها برتبة ''لواء'' بالجيش.
 
سطع نجم الشاذلي لأول مرة في الحرب العالمية الثانية في 1941، وذلك عندما واجهت القوات المصرية والبريطانية القوات الألمانية في الصحراء الغربية، وحتى بعد صدور أوامر للقوات المصرية والبريطانية بالانسحاب، استمر الشاذلي ليدمر المعدات الثقيلة المتبقية في وجه القوات الألمانية المتقدمة.
اتخذ الشاذلي قرارا جريئا في نكسة 1967، وذلك بعد انقطاع الاتصالات مع القيادة المصرية، فأمر "مجموعة الشاذلي" بالعبور إلى الحدود الدولية قبل غروب يوم 8 يونيو، وتمركز بقواته داخل أراضي فلسطين المحتلة التي يسيطر عليها العدو الإسرائيلي بحوالي خمسة كيلو متر، وبقي هناك يومين إلى أن أمرته القيادة المصرية بالعودة، بعد عودة الاتصال.
استطاع الشاذلي أن يقطع أرض سيناء كلها دون أي دعم جوي، وبمؤن قليلة، ونجح في العودة بكامل معداته للجيش المصري سالما، وكان آخر قائد ينسحب من سيناء.
حدثت خلافات بين الشاذلي ومحمد أحمد صادق - وزير الحربية آنذاك - بسبب خطة تحرير سيناء، حيث طلب الشاذلي أن يقوم بعملية هجومية في حدود إمكانيات الجيش، تقضي باسترداد من 10 إلى 12 كم في عمق سيناء، وإثر ذلك أقال السادات الفريق صادق، وعين المشير أحمد إسماعيل خلفا له كوزير للحربية.
توفي سعد الدين الشاذلي يوم الخميس 10 فبراير بالمركز الطبي العالمي التابع للقوات المسلحة، عن عمر بلغ 88 عام، وجاءت وفاته تزامنا مع ثورة الخامس والعشرين من يناير، شارك في حرب فلسطين عام 1948، وانضم إلى الضباط الأحرار عام 1951، وأسس أول قوات مظلية في مصر عام 1954، كان لها دورها في صد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وفي حرب اليمن كقائد للواء مشاة، وشكّل بعد ذلك مجموعة من القوات الخاصة عرفت باسم "مجموعة الشاذلي" عام 1967.
 
وعن " سعد الشاذلى يقول عدد من الخبراء العسكريين  عنه...
يقول اللواء محمد عبد الفتاح عمر - الخبير الأمنى - إن سعد الشاذلى حرمه القدر من أن يشهد سقوط مبارك، رغم ظلمه الكبير له، فوفاة الشاذلى جاءت قبل يوم واحد من التنحى، فالشاذلى من الرجال الذين تم تشويه صورتهم عمدًا في عهد النظام السابق، رغم دوره الكبير الذى قام به من أجل مصر، حيث كان الشاذلي من أبرز الرجال الذين رفضوا معاهدة "كامب ديفيد" بين مصر وإسرائيل وكان ينتقدها بشدة، وهذا ما دفع السادات لتشويه صورته واتهامه بالخيانة والعمالة لإسرائيل(مع كل الاحترام والتقدير لشخص القائدين: الزعيم محمد انور السادات والفريق سعد الدين الشاذلى).
 
ومن جانبة دعا اللواء أحمد عبد الرحيم - الخبير فى الشئون العسكرية، الشباب المصرى إلى أن يقرأ مذكرات سعد الدين الشاذلى عن الحرب ليتعلم الخطط الناجحة، وحب الوطن الفعلى، لا المتاجرة به مثلما يحدث الآن.
وأضاف "عبد الرحيم": مذكرات الشاذلى عن الحرب اتهم فيها السادات باتخاذ قرارات خاطئة، بخصوص اتفاقية "كامب ديفيد"، فلو كانوا استمعوا للحظة واحد إلى صوت العقل لما عقدوا هذه الاتفاقية، وفي الوقت نفسه كان بإمكانهم الحصول على أرض مصر كاملة.
 
ويؤكد اللواء متقاعد كمال زهران، أن الفريق سعد الدين الشاذلى كان رجلا قويا وقائدًا عسكريا فذا، عرف بانضباطه الشديد، لكن تدخل الشاذلى فى السياسية هو ما سمح بتوجيه العديد من التهم إليه، موضحا أن العسكرى لا بد أن يظل فى مجاله، والسياسى كذلك، لكن الشاذلى وتفكيره الفذ هو ما جعله يتدخل فى السياسة..