أخبره معلمه أن حلمه بأن يصبح عالماً “سخيف” فحاز على جائزة نوبل في الطب !



قصة العالم البريطاني السير جون جوردن هي قصة كفاح وطموح رائعة بكل المقاييس. ولد جون في 2 أكتوبر من عام 1933 في انجلترا وقد كان دوماً من أتعس الطلاب وأقلهم تحصيلا في الدراسة. ولكن رغم ذلك، فقد كان لديه طموح واصرار وعزيمة شديدة لكي يصبح عالماً. كتب عنه إحدى معلمي الأحياء : ” أداء جون كارثي، وعمله بعيد كل البعد على أن يصل حتى لمستوى المقبول، يبدوا أنه لا يستطيع التعلّم بشكل جيّد ومستوى فهمه ضعيف، حيث أنني اضطررت الى تمزيق العديد من أوراقه السيئة، والتي حصل في إحداها على درجتين من اصل خمسين فقط. أداؤه المعملي بنفس الردائة، ودائماً ما يقع في المشاكل لأنه لا يستمع إلى النصائح ويريد أن يفعل كل شيء بطريقته الخاصة. 

أنا أرى أن حلمه بأن يصبح عالماً مرموقاً هو أمر سخيف جداً ومثير للسخرية، ولا يجب على أبواه دعمه بتاتاً في ذلك. لأنه حتى لو تعلّم المبادئ الحيوية البسيطة -وأنا أشك في إمكانية ذلك- فإن أقصى مايمكنه أن يصله هو متخصص في ماتعلمه، كل ما أرى في جون أنه يقوم بتضييع وقته و أوقات هؤلاء من يحاولون تعليمه وأنا حزين على ضياع هذا الوقت “. ذهب جون إلى جامعة أكسفورد لدراسة إحدى فروع العلوم الانسانية، ولكن بسبب بعض الأخطاء الادارية، سمح له بدراسة بعض المواد في علوم الحيوان، ثم سرعان ما قام بتبديل تخصصه إلى علوم الحيوانات وتصنيفها، والتي استمر في دراستها حتى قدّم مشروع الدكتواراة في عام 1962 في مجال الزراعة النووية في خلايا إحدى أنواع الضفادع. وكانت تلك هي بداية نجاحه؛ حيث اكتشف أن جميع خلايا الجسم تحتوي نفس الجينات، وقد قام بتأكيد ذلك عبر استئصال الجينات من خلية ضفدع بالغ وزراعتها في بويضة مفرّغة من الجينات، فاستنسخ ضفدع بالغ نسخة طبق الأصل عن الضفدع المستزرع.

 وقد أثارت اكتشافاته الجدل، حيث أنها تناقضت مع العديد من دراسات أساتذة أكبر منه في نفس المجال.

 ولكن نتائج هذه الدراسة بالاضافة الى داراسات أخرى لعالم ياباني متحمس هي ما قادت عملية استنساخ النعجة دوللي التي أثارت الضجة الاعلامية الكبرى عام 1996م. 

ولم يتوقف عند نجاحه الأولي، فذهب بعد ذلك لفترة بسيطة إلى كاليفورنيا ثم مالبث أن رجع مجدداً إلى أكسفورد وكامبريدج في انجلترا لاستكمال أبحاثه الرائدة في مجالي نقل النواة والاستنساخ والتي حازت على أرقى الجوائز العلمية في العالم كجائزة لاسكر سنة 2009 وجائزة نوبل في الطب لعام 2012، كما وانتخب زميلًا للجمعية الملكية سنة 1971، وحصل على لقب سير (فارس) سنة 1995. انتخب عضوًا شرفيًا بالجمعية الأمريكية لعلماء التشريح سنة 2005، وفي سنة 2004 ثم تغيير اسم أحد المعاهد البريطانية لأبحاث البيولوجيا الخلوية والسرطان إلى “معهد غوردون” تكريمًا له ولأبحاثه التي خدمت البشرية. يقول جون، لازلت أحتفظ بذلك التقرير الذي كتبه عني أستاذي في المدرسة؛ وهو الشيء الوحيد الذي قمت بوضعه في إطار زجاجي وأحتفظ به على مكتبي. 

ويكمل، عندما تصعب الأمور، ولا أرى حلاً للمشاكل التي أمامي، وهو أمر يحدث كثيراً في مجال عملي .. أنظر إلى التقرير، وأقول، لربما كان صادقاً، لربما أنني فعلاً لست أهلاً لهذا النوع من العمل، لربما أنني لست عالماً وكل ما قاله عني صحيح ! ثم أعود لأكمل العمل !! لم يستمع جون أبداً لتلك الكلمات المثبطة، فبالرغم من كل المصاعب وكل الكلام، وصل إلى ما يريده، وعمل ثابراً وبجد واجتهاد ليحقق حلم طفولته، ويثبت لجميع من شك في قدراته أنه مخطئ، وأنه يمكن لأي انسان أن يحقق ما يصبوا إليه ومايريده في الحياة، مهما كان ذلك الهدف صعباً أو بعيد المنال. سر النجاح هو المثابرة والاجتهاد والتركيز على ذلك الهدف، مهما كان، سوف تصل إليه اذا كنت تريده بما فيه الكفاية !!