ليس الإنسان كأيٍ من المخلوقات يهيمُ في الأرض كما تهيم ، لكنه مميز عنها بأن منحه
الله العقل الذي يفرق فيه بين الصواب و الخطأ و بين النافع و الضار و يعرف به ما
يريده و ما لا يريده .
هذا العقل متى ما استغله الإنسان استغلالا حسناً جيداً آتى ثماره المنتظرة منه ، و
عندما يُهملْه فلا يكون لإنسان أيةُ ميزة به .
هناك أربعة أشياء أساسية تعين على استغلال العقل الاستغلال الجيد ، و ربما يكون
تحت مظلة كل منها فروع و تفاصيل .
الأول : القيمة .
العقل الإنساني له قيمة كبيرة في التمييز بين الأشياء ، و له قيمته في كونه جوهر
منزلة
الإنسان بين المخلوقات ، و لعله يكون هو الإنسان لا ذاك الجسد اللحمي ، ففي
الحيـوانـات من هو شبيه بالإنسان لكنه دون عقل ، فالعقل هو القيمة الحقيقية للإنسان.
إذا عرف الإنسان قيمة العقل بقوة و وضوح ، و كان واثقاً منه تفتح له تلك المعرفة
آفاقاً من :
الثاني : قدرات العقل .
ليس للعقل حد ينتهي إليه ، بالنسبة للجنس البشري ، فقدرات الذكاء و الإبداع تفوق
الحدَّ و الوصف في التركيبة العقلية . و لا يعرف قدرات العقل إلا من آمن بأن لعقله
قيمة و مكانة ، و تغيب تلك القدرات حين يستهين الإنسان بقدرات عقله فيكون مهمَلاً
لا
قيمة له أصلا ، لأن قيمة العقل بإظهار قُدراته .
و عندما نعرف قُدرات العقل و إمكاناته يقودنا ذلك إلى :
الثالث : وظيفة العقل .
وظيفة العقل في الإبداع و الاختراع ، يستطيع العقل ذلك متى ما حرّكه الإنسان و
أحسن تحريكه ، و سار به على قوانين الإبداع .
العالم يحتاج إلى أشياء كثيرة العقل كفيل بأن يخترعها لما فيه من القوة الخارقة ، و
نتساءل أين من يوظف العقل في الإبداع و الاختراع ؟!
إذا أتقن الإنسان وظيفةَ العقل ، و بلغها بجدارة ، فإنه من الواجبِ أن يقوم بـ :
الرابع : توظيف الوظيفة .
في كل ما فيه منفعة للبشر عامة و لصاحبه خاصة ، هنا تكمن قيمته ، و يُستفاد من
قدراته ، لأنه ما خُلق إلا ليكون نافعاً ، و لا منفعة إلا بحُسن توظيفه في المنافع العامة
التي تشمل جوانب الحياة .
من يستخدم وظائف الإبداع العقلية في إفساد الحياة لم يوظف الوظيفة العقلية توظيفاً
صحيحا ، بل ليته لم يعرف شيئاً .
الخلاصة من هذا كله هي :
المنظومة الرائعة للعقل هي أن نعرف قيمته لندرك قُدراته حتى نظهر وظيفته فنوظف
الوظائف في الجمال الحياتي .