نبات يقتنص فرائسه بالضوء .. كصاعق الحشرات ! 

حينما تجف الأقلام .. ولا تجدي الكلمةنفعاً لوصف روعة ما تنظره العين .. تنطق الابتسامة "إنها الحياة"..

لابد للإنسان وهو الكائن العاقل أن ينحني احتراماً للفطرة التي علمت الكائنات قوانين الفيزياء وأسرار الكائنات الأخرى .. نباتات قررت يوماً ما أن تأخذ نهجاً مختلفاً عن أبناء عمومتها كي تتغلب على قسوة البيئة .. قررت ألا تتغذى على ثاني أكسيد الكربون وضوء الشمس .. وأن تصطاد اللحوم.

تلك الكائنات طورت ترسانة من الخدع كي تحقق مرادها وتستمر في الحياة بالطريقة التي اختارتها لنفسها .. إغواء الحشرات للوقوع في براثنها ليست بالمهمة السهلة، فهي النهاية النبات نبات وليس له القدرة على مطاردة أبطْأ الحشرات حركة .. ولذلك قررت النباتات ذات الطبيعة المفترسة أن تستغل ألوانها الزاهية والرحيق اللذيذ والروائح الجذابة فيسيل لعاب الحشرة .. ويغيب وعيها ولا يعود إلا وهي وجبة سريعة للفك المفترس !

 

ولكنها المرة الأولى التي يكتشف العلماء قدرة النباتات المفترسة على التوهج باللون الأزرق الساطع، إذ اكتشفت دراسة حديثة - نُشرت في مجلة "Plant Biology" أن هذه الأنواع النباتية مزودة بخلايا خاصة تساعدها على توليد درجة لون فوق بنفسجية لا تراها العين البشرية المجردة ولكنها ذلك الضوء المتوهج مرئي للحشرات مما يغريها ويجعلها تقترب من فرط الفضول.

تماماً كما تنجذب الفراشة أو البعوضة للقناديل .. قررت تلك النباتات التغلب على نقص المواد الغذائية في تربتها باصطياد الحشرات لكي تعين نظامها الغذائي الضعيف .. ويرى صاحب الرسالة "سابولال بيبي" (عالم متخصص في النباتات بمعهد أبحاث Jawaharlal Nehru في الهند) أن تلك الظاهرة من أكثر ظواهر الانبعاث الفلورسنتي تميُزاً في مملكة النباتات.

ينبعث ضوء النباتات في إصرار على جذب الفرائس من الحشرات والمفصليات الأخرى كالعناكب والقشريات وتتهافت الفرائس ظناً منها أن المضيء مصدر للغذاء، فعلى سبيل المثال وكما ورد بالدراسة، تطورت عيون النحل لتنتقي الزهور الأكثر زهواً والغنية بالرحيق.

 

تقوم بعض الأنواع فقط بتوليد الضوء الأزرق المميز الذي اتضح أنه هام جداً لبقاء النبات فعلى سبيل المثال عندما قام العلماء بحجب الضوء فوق البنفسجي كانت الحشرات أقل انجذابا إلى صائديها.

وعلى الرغم من أن البحث لم يكتمل بعد فإن "بيبي" يرجح أن الحيوانات الصغيرة كذباب الأشجار والفئران يمكنها أيضا رؤية الوهج الأزرق الذي يغريها لتشرب من رحيق تلك النباتات، من خلال هذه العملية تستخدم النباتات فضلات تلك الحيوانات كمصدر آخر جيد لغذائها.

يقول "هاورد بيرج" (عالم متخصص في النبات ومدير مركز دونالد دانفورث لعلوم النباتات بميسورى، الولايات المتحدة) أن النتائج تقدم مجموعة من المفاجآت المذهلة .. فبروتينات قناديل البحر المتوهجة ترتبط بعلامات محددة تساعد الباحثين – على سبيل المثال- في دراسة كيف تنتشر الخلايا السرطانية، ومن هنا فإنه من المحتمل أن تساعد خلايا النباتات المفترسة المتوهجة على توفير طريقة جديدة في ذلك النوع من الدراسات.
أو قد تحمل لنا نتائج هذه التجارب مستقبل مشرق لمكافحة الحشرات..